﵇ استعاذ باللهِ من أن يرجُمَه فرعونُ وقومُه، والرَّجُمُ قد يكونُ قولًا باللسانِ، وفعلًا باليدِ. والصوابُ أن يقالَ: استعاذ موسى بربِّه بربه مِن كلِّ معاني رجْمِهم، الذي يصلُ منه إلى المرجومِ أذًى ومكروهٌ؛ شتمًا كان ذلك باللسانِ، أو رجمًا بالحجارةِ باليدِ.
وقولُه: ﴿وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن قيل نبيِّه موسى ﵇ لفرعونَ وقومه: وإنْ أنتم أيُّها القومُ لم تُصدِّقونى على ما جئتُكم به من عندِ ربِّي، ﴿فَاعْتَزِلُونِ﴾. يقولُ: فخلُّوا سبيلي غيرَ مرْجومٍ باللسانِ ولا باليدِ.
كما حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾. أي: فخلّوا سبيلى (١).
يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿فَدَعَا﴾ موسى ﴿رَبَّهُ﴾ إذ كذَّبوه ولم يؤمنوا به، ولم يؤدُّوا إليه عبادَ اللَّهِ، وهمُّوا بقتله، بـ ﴿أَنَّ هَؤُلَاءِ﴾. يعني: فرعونَ وقومَه، ﴿قَوْمٌ مُجْرِمُونَ﴾. يعنى: أنهم مشركون باللهِ كافرون.
وقولُه: ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي﴾. وفي الكلام محذوفٌ استُغْنِىَ بدلالةِ ما ذُكر عليه منه، وهو: فأجابه ربُّه بأن قال له: ﴿فَأَسْرِ﴾ إذ كان الأمرُ كذلك ﴿بِعِبَادِي﴾. وهم بنو إسرائيلَ. وإنما معنى الكلامِ: فأَسْرِ بعبادى الذين صدَّقوك وآمَنوا بك
(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٠٨ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.