للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُنْتَقَصَ مِن حَقِّه فلا يوَفَّى عمله (١).

حدَّثنا الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا سَلَّامُ بنُ مسكينٍ، عن ميمون بن سِيَاهٍ، عن الحسنِ في قولِ اللهِ: ﴿فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾. قال: لا يَنْتَقِصُ الله حسناته شيئًا، ولا يحمِلُ عليه ذنب مُسِيءٍ.

وأصلُ الهَضْمِ النَّقْصُ، يقالُ: هَضَمَنى فلانٌ حَقِّى (٢). ومنه امرأةٌ هَضِيمُ الكشح (٣). أي: ضامرةُ البطن. ومنه قولُهم: قد هُضِمَ الطعامُ. إِذا ذَهَبَ، وهَضَمْتُ لك من حقِّك. أي: حَطَطتُك.

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (١١٣)﴾.

يقول تعالى ذكره: كما رغَّبنا أهلَ الإيمان في صالحات الأعمال [بوعدناهم ما وعدنا] (٤)، كذلك حذَّرْنا بالوعيد أهل الكفر المُقام (٥) على معاصينا وكفرهم بآياتنا، فأنزلنا هذا القرآن عربيًّا، إذ كانوا عَرَبًا، ﴿وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ﴾ فبيَّنَّاه. يقولُ: وخوَّفناهم فيه بضروب من الوعيدِ، ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾. يقولُ: كى يتقُونا بتصريفنا ما صرَّفنا فيه من الوعيد، ﴿أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾. يقولُ: أو يحدثُ لهم هذا القرآنُ تذكرةً، [فيعتبروا ويتعظوا] (٦) بفعلنا بالأمم التي كذَّبت الرسل قبلها،


(١) ذكره ابن الجوزى في زاد المسير ٥/ ٣٢٤.
(٢) في ت ٢: "حقه".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ف.
(٤) في م، ت ٢: "بوعدناهم ما وعدناهم"، وفى ت ١: "توعدناهم ما وعدناهم"، وفى ف: "بوعدنا ما وعدناهم".
(٥) في م: "بالمقام".
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ف: "فيعتبرون ويتعظون".