للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾. قال: هذا مثَلٌ ضرَبه اللهُ، لا يُغْنى أولياؤُهم عنهم شيئًا، كما لا يُغْنى العنكبوتَ بيتُها هذا (١).

وقوله: ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ﴾. يقولُ: وإن أضعفَ البيوتِ، ﴿لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾. يقول تعالى ذكرُه: لو كان هؤلاء الذين اتَّخذوا من دونِ اللهِ أولياءَ يعلَمون أن أولياءَهم الذين اتخذوهم من دونِ اللهِ، في قلةِ غَنائِهم عنهم، كغَناءِ بيت العنكبوتِ عنها، ولكنهم يَجْهَلون ذلك، فيحسَبون أنهم ينفَعونهم ويقرِّبونهم إلى اللهِ زُلْفَى.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤٢) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)﴾.

اخْتَلفتِ القرأةُ فى قراءةِ قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ﴾؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ الأمصارِ: (تَدْعُونَ) بالتاءِ (٢)، بمعنى الخطابِ لمشركي قريشٍ إنَّ اللهَ أيُّها الناسُ يَعْلَمُ ما تَدْعون إليه من دونِه. وقرأ ذلك أبو عمرٍو: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ﴾ بالياءِ (٣)، بمعنى الخبرِ عن الأممِ: إنَّ اللهَ يعلَمُ ما يَدْعُو هؤلاء الذين أَهْلَكناهم من الأممِ من دونِه من شيءٍ.

والصوابُ من القراءةِ فى ذلك عندَنا قراءةُ من قرَأه بالتاءِ؛ لأن ذلك لو كان خبرًا عن الأممِ الذين ذكَر اللَّهُ أنه أَهْلَكهم لكان الكلامُ: إن اللهَ يعلَمُ ما كانوا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٣٠٦٣ من طريق أصبغ، عن ابن زيد.
(٢) وبها قرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف. ينظر النشر ٢/ ٢٥٧.
(٣) وبها قرأ عاصم ويعقوب. المصدر السابق.