للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ذلك غيرُ محدودٍ مبلَغُها، فيزيدُ مَن شاء من عبادِه على ذلك على قَدْرِ ما يشاءُ، لا حدَّ القَدْرِه يُوقَفُ عليه.

وقد قال بعضُهم: الزيادةُ إلى سبعِمائةِ ضِعْفٍ. وقال آخرون: إلى ألفيْن.

وقد ذكرتُ اختلافَ المختلفِين في ذلك فيما مضى قبلُ بما أغنى عن إعادتِه فى هذا الموضعِ (١).

وقولُه: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا﴾ فإنه يعنى: وأما الذين تعظَّموا عن الإقرارِ للهِ بالعبوديةِ، والإذعانِ له بالطاعةِ، واستكبروا عن التذلُّلِ لألوهتِه وعبادتِه، وتسليمِ الوحدانيةِ والربوبيةِ له، ﴿فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾. يعنى: عذابًا مُوجِعًا، ﴿وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾، يقولُ: ولا يجدُ المستنكفون عن (٢) عبادتِه، والمستكبرون عنها إذا عذَّبهم اللهُ (٣) الأليمَ من عذابِه، سوى اللهِ لأنفسِهم ﴿وَلِيًّا﴾ يُنْجِيهم من عذابِه، ويُنقِذُهم منه، ﴿وَلَا نَصِيرًا﴾، يعني: ولا ناصرًا ينصُرُهم، فيَسْتَنْقِذُهم من ربِّهم، ويدفَعُ عنهم بقوَّتِه (٤) ما أحلَّ بهم من نقمتِه، كالذى كانوا يفعَلون بهم إذا أرادهم غيرُهم من أهلِ الدنيا فى الدنيا بسوءٍ من نصرتِهم، والمدافعةِ عنهم.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (١٧٤)﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بن جريرٍ : يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ


(١) ينظر ما تقدم فى ٤/ ٦٥٣، ٦٥٤.
(٢) فى م: "من".
(٣) بعده فى الأصل: "العذاب".
(٤) فى الأصل: "بقوتهم"، وفى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "نصرته".