للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ﴾. يقولُ عزَّ ذكرُه: وإن يستغِثْ هؤلاء الظالمون يومَ القيامةِ في النَّارِ من شدَّةِ ما بهم من العطشِ، فيطلُبوا الماءَ، يُغاثوا بماءٍ كالمُهْلِ.

واختلَف أهلُ التأويلِ في المُهْلِ؛ فقال بعضُهم: هو كلُّ شيءٍ أُذِيب وانْماعَ (١).

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: ذُكِر لنا أن ابنَ مسعودٍ أُهدِيَت إليه سِقايةٌ من ذهبٍ وفضةٍ، فأمَر بأخدودٍ فخُدَّ في الأرضِ، ثم قذَف فيه من جَزْلِ حطبٍ (٢)، ثم قذَف فيه تلك السِّقايةَ، حتى إذا أَزْبَدَت وانماعَت قال لغلامِه: ادعُ مِن يحضُرُنا من أهلِ الكوفةِ فدعا رهطًا، فلمَّا دخَلوا عليه قال: أترَوْنَ هذا؟ قالوا: نعم. قال: ما رأينا في الدنيا شَبِيهًا للمُهْلِ أَدْنَى من هذا الذهبِ والفضةِ، حين أَزْبَدَ وانْماعَ (٣).

وقال آخرون: هو الدمُ والقيحُ الأسودُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا حكَّامٌ، عن عنبسةَ، عن محمدِ بن عبدِ الرحمنِ


= عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله قال: "ماء كالمهل، قال: كعكر الزيت، فإذا قربه إليه سقط فروة وجهه فيه". ولعله سبق قلم من الناسخ حيث سيأتي في ص ٢٥٠ عند تفسير قوله: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا ........... ﴾.
(١) انماع: ذاب وسال. النهاية ٤/ ٣٨١.
(٢) الجزل: الحطب اليابس، وقيل: الغليظ. وقيل: ما عظم من الحطب وييس. لسان العرب (ج ز ل).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٤٠٢ عن معمر عن قتادة، مختصرًا، وذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ١٥٠.