للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكما قال سُوَيْدُ بنُ أبى كاهِلٍ يَصِفُ عَدُوًّا له يُرِيدُ أنه ذَلِيلٌ (١):

ساجِدَ المَنْخَرِ إذْ يَرْفَعُهُ … خاشِعَ الطَّرْفِ أَصَمَّ (٢) المُسْتَمَعْ

وكما قال جريرُ بنُ عطيةَ (٣):

لَمَّا أتى خَبَرُ الرَّسُولِ تَضَعْضَعَتْ … سُورُ المَدِينَةِ والجبالُ الخُشَّعُ

وقال آخَرون: معنى قولِه: ﴿يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ﴾. أى: يُوجبُ الخشيةَ لغيرِه بدلالتِه على صانعِه، كما قيل: ناقةٌ تاجرةٌ: إذا كانت مِن نَجابتِها وفراهتِها تدعو الناسَ إلى الرغبةِ فيها، كما قال جريرُ بنُ عطيةَ (٤):

وأَعوَرَ مِن نَبْهانَ أمّا نَهارُه … فأعْمَى وأمّا لَيْلُه فبَصِيرُ

فجعَل الصفةَ لليلِ والنهارِ، وهو يُرِيدُ بذلك صاحبَه النَّبْهانىَّ الذى يَهْجُوه مِن أجْلِ أنه فيهما كان ما وصَفه به.

وهذه الأقوالُ وإن كانت غيرَ بعيداتِ المعنى ممَّا تَحْتَمِلُه الآيةُ من التأويلِ، فإن تأويلَ أهلِ التأويلِ مِن علماءِ سلَفِ الأمةِ بخلافِها، فلذلك لم نَسْتَجِزْ صرْفَ تأويلِ الآيةِ إلى معنًى منها.

وقد دلَّلْنا فيما مضَى على معنى الخشيةِ، وأَنها الرهبةُ والمخافةُ، فكرِهْنا إعادةَ ذلك في هذا الموضعِ (٥).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤)﴾.


(١) البيت في المفضليات ص ٢٠١، والأضداد لابن الأنبارى ص ٢٩٥.
(٢) في ت ٢، ت ٣: "أذل".
(٣) تقدم البيت في ١/ ٦٢٣، والرواية هناك: "خبر الزبير تواضعت". وكذا في الديوان.
(٤) تقدم البيت في ١/ ٣٣٢.
(٥) تقدم البيت في ١/ ٥٩٨.