للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ له في قولِه تعالى: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠)﴾. قال: قلتُ له: أنزَلت في عبدِ اللَّهِ بن أبى أميةَ؟ قال: قد زعَمُوا ذلك (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (٩٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وما منَع يا محمدُ مشركي قومِك الإيمانَ باللَّهِ وبما جئتَهم به من الحقِّ، ﴿إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى﴾. يقولُ: إذ جاءَهم البيانُ من عندِ اللَّهِ بحقيقةِ ما تَدْعُوهم وصحةِ ما جئتَهم به، إلا قولُهم جهلًا منهم: ﴿أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾. فـ ﴿أَنْ﴾ الأولى في موضعِ نصبٍ بوقوعِ ﴿مَنَعَ﴾ عليها، والثانيةُ في موضعِ رفعٍ؛ لأن الفعلَ لها.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (٩٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه: قُلْ يا محمدُ لهؤلاء الذين أَبَوُا الإيمانَ بك وتصديقَك فيما جئتَهم به من عندى؛ استنكارًا لأن يَبْعَثَ اللَّهُ رسولًا من البشرِ: ﴿لَوْ كَانَ﴾ أيُّها الناسُ ﴿فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا﴾؛ لأن الملائكةَ إنما تراهم أمثالُهم من الملائكةِ، أو (٢) من خصَّه اللَّهُ من بنى آدمَ برؤيتِها، فأما غيرُهم فلا يَقْدِرون على رؤيتِها، فكيف يَبعَثُ إليهم من الملائكةِ الرسلَ، وهم لا يَقْدِرون على رؤيتِهم وهم بهيئاتِهم التي خلَقهم (٣) بها،


(١) أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص ٢٢٣ من طريق عبد الملك بن عمير، عن سعيد، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٠٣ إلى المصنف وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في م: "و".
(٣) بعده في م، ف: "اللَّه".