للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي حفصة، عن عكرمة، قال: قال أبو جهل: لئن رأيتُ محمدًا لأفعَلَنَّ ولأفعلَنَّ. فأُنزلت: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا﴾ إلى قولِه: ﴿فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾. قال: فكانوا يقولون: هذا محمدٌ. فيقولُ: أين هو؟ أين هو؟ [لا يُبْصِرُه] (١).

وقد رُوى عن ابن عباسٍ، أنه كان يقرأُ ذلك: ﴿فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ بالعينِ، بمعنى أَعْشَيناهم عنك، وذلك أن العَشا [بالليل؛ و] (٢) هو أن يمشىَ بالليلِ ولا يُبْصِرُ (٣).

القولُ في تأويل قولِه تعالى: ﴿وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١)

قال أبو جعفر : يقولُ تعالى ذكرُه: وسواءٌ يا محمدُ على هؤلاء الذين حق عليهم القولُ، أيُّ الأمرين كان منك إليهم؛ الإنذار، أو ترك الإنذارِ، فإنهم لا يؤمنون؛ لأن الله قد حكم عليهم بذلك.

وقولُه: ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾. يقول تعالى ذكرُه: إنما ينفَعُ إنذارُك يا محمدُ من آمن بالقرآنِ، واتَّبع ما فيه من أحكامِ اللَّهِ، ﴿وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ﴾. يقولُ: وخاف الله حينَ يغيبُ عن أبصارِ الناظرين، لا المنافقَ الذي يستخفُّ بدينِ اللهِ إذا خلا، ويُظهرُ الإيمان في الملَا، ولا المشركَ الذي قد طبَع اللهُ على قلبِه.


(١) في الأصل، ت ١: (أو لا يبصر). ولعل الصواب: (أي لا يبصر). والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥٨ إلى المصنف.
(٢) سقط من: م، ت ١، وفي ت ٢: "و".
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره ١٥/ ١٠، وابن كثير في تفسيره ٦/ ٥٥٠.