للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَإِلَيْهِ مَئَابِ﴾. قال (١): إليه مصيرُ كلِّ عبدٍ (٢).

حدثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾. قال: هذا مَنْ آمَن برسولِ اللهِ من أهل الكتاب، فيَفْرَحون بذلك. وقرَأ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ﴾ [يونس: ٤٠]. وفى قوله: ﴿وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ﴾. قال: الأحزاب الأمم؛ اليهود والنصارى والمجوسُ، منهم من آمن به، ومنهم من أنكره (٣).

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (٣٧)﴾.

يقول تعالى ذكره: وكما أنزلنا عليك الكتابَ يا محمد فأنكره بعضُ الأحزابِ، كذلك أيضًا أنزَلنا الحكم والدين حكمًا عربيًّا. وجعَل ذلك عربيًّا ووصَفه به؛ لأنَّه أُنزل على محمد وهو عربيٌّ، فنُسب الدين إليه، إذ كان عليه أُنْزِل، فكذَّب به الأحزابُ. ثم نهاه جلَّ ثناؤه عن تَرْكِ ما أنزل إليه، واتباعِ الأحزاب، وتَهَدَّده على ذلك إن فعله فقال: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ﴾ يا محمدُ ﴿أَهْوَاءَهُم﴾: أهواء هؤلاء الأحزابِ ورضاهم ومحبتهم، وانتقلت من دينك إلى دينهم، ما لك مَن يَقِيك عذابَ اللَّهِ إِن عذَّبَك على اتباعك أهواءهم، وما لك ناصر يَنْصُرُك، فيَسْتَنْقِذَك من الله إن هو عاقبك. يقولُ: فاحْذَرْ أَن تَتَّبِعَ


(١) في م: "و".
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٣٧ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٦٥ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبى الشيخ.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٦٥ إلى المصنف وأبى الشيخ.