كتاب تفسير الطبري جامع البيان - ت التركي

سورة آل عمران - القول في تأويل قوله: ﴿فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون (١٥٣)﴾. - ج: 6 - ص: 149

يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ﴾: رأَوْا نبيَّ اللَّهِ يَدْعوهم: "أي (١) عبادَ اللهِ" (٢).

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ مثلَه.

[حدَّثني المثنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيعِ مثلَه] (٣).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ قال: أَنَّبَهم اللهُ بالفرارِ عن نبيِّهم وهو يَدْعُوهم، لا يَعْطِفون عليه لدعائِه إياهم، فقال: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ﴾ (٤).

حدَّثني يونُسُ، قال: أَخْبَرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِ اللهِ: ﴿وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ﴾: هذا يومَ أُحُدٍ حِينَ انْكَشَف الناسُ عنه (٥).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٥٣)﴾.

يعنى بقوله جلَّ وعزَّ: ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ﴾ يَعْنى: فجازاكم بقرارِكم عن نبيِّكم، وفشَلِكم عن عدوّكم، ومعصيتِكم ربَّكم، ﴿غَمًّا بِغَمٍّ﴾. يقولُ: غَمًّا على غمٍّ.

وسمَّى العقوبةَ التي عاقَبَهم بها مِن تسليطٍ عدوِّهم عليهم، حتى نال منهم ما نال، ثوابًا، إذ كان جزاءً (٦) من عملهم الذي سخطه ولم يَرْضَه منهم، فدلَّ بذلك تعالى ذكرُه أن كلَّ عِوَضٍ كان لمُعَوَّضٍ مِن شيءٍ مِن العملِ، خيرًا كان أو شرًّا، أو العوضِ الذي بذله رجلٌ لرجلٍ، أو يدٍ سلَفَت له إليه، فإنه مستحقٌّ اسمَ ثوابٍ، كان ذلك العِوَضُ تَكْرِمةً أو عقوبةً، ونظيرُ ذلك قولُ الشاعرِ (٧):

---

(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إلى".
(٢) تقدم تخريجه في ص ١٤٦.
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٤) سيرة ابن هشام ٢/ ١١٤.
(٥) ذكره ابن كثير في تفسيره ٢/ ١١٨.
(٦) بياض في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، وفى م: "ذلك".
(٧) هو الفرزدق، والبيت في ديوانه ص ٢٢٧.