للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتَعَلُّقِه بالأشجارِ وجوانبِ الوادى، ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ﴾ مِن الماءِ والذهبِ والفضةِ والرَّصاصِ والنُّحاسِ، فالماءُ يَمْكُثُ في الأرضِ فتشربُه، والذهبُ والفضةُ تَمْكُثُ للناسِ، ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾، يَقُولُ: كما مثَّل هذا المثلَ للإيمانِ والكفرِ، كذلك يُمَثِّلُ الأمثالَ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾: فهذا مثلٌ ضرَبه اللَّهُ، احتَملت منه القلوبُ على قَدْرِ يقينِها وشكِّها، فأما الشكُّ فلا يَنْفَعُ معه العملُ، وأما اليقينُ فينْفَعُ اللَّهُ به أهلَه؛ وهو قولُه: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾، وهو الشكُّ، ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾، وهو اليقينُ، كما يُجْعَلُ الحُلِيُّ في النارِ، فيؤخذُ خالصُه ويُتْرَكُ خَبَثُه في النارِ، فكذلك يَقْبلُ اللَّهُ اليقينَ ويَتْرُكُ الشكَّ (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾. يقولُ: احتمَل السيلُ ما في الوادى مِن عُودٍ ودِمْنةٍ، ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ﴾، فهو الذهبُ والفضةُ والحِليةُ، "والمتاعُ" النُّحاسُ (٢) والحديدُ،


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٣٦٩، ٣٧٠ وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٥٤ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبى الشيخ.
(٢) في م: "والنحاس".