للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللنُّحاسِ والحديدِ خَبَثٌ، فجعَل اللَّهُ مثَلَ خبَثهِ كزبدِ الماءِ، ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ﴾، فالذهبُ والفضةُ، وأما ما يَنْفَعُ الأرضَ فما شرِبتْ مِن الماءِ فأنْبَتَت، فجعَل ذلك مَثَل العملِ الصالحِ يَبْقَى لأهلِه، والعملِ السيئَ يَضْمَحِلُّ عن أهلِه، كما يَذْهَبُ هذا الزَّبَدُ، فكذلك الهُدَى والحقُّ جاء مِن عندِ اللَّهِ، فمن عمِل بالحقِّ كان له، وبقِى كما يَبْقَى ما يَنْفَعُ الناسَ في الأرضِ، وكذلك الحديدُ لا يُسْتَطاعُ أن يُجْعَلَ منه سِكِّينٌ ولا سيفٌ حتى يُدخَلَ في النارِ، فتأكُلَ خَبَثَه، فيَخْرُجَ جَيِّدُه، فيُنْتَفَعَ به، فكذلك يَضْمَحِلُّ الباطلُ إذا كان يومُ القيامةِ، وأُقيم الناسُ، وعُرِضَت الأعمالُ، فيَزيغُ (١) الباطلُ ويَهْلِكُ، ويَنْتَفِعُ أهلُ الحقِّ بالحقِّ، ثم قال: ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ (٢). حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا ابن عُلَيةَ، عن أبي رجاءٍ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ﴾ إلى ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ فقال: ﴿ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ﴾: الذهبِ [والفضةِ] (٣)، ﴿أَوْ مَتَاعٍ﴾: الصُّفْرِ (٤) والحديدِ. قال: كما أُوقِدَ على الذهبِ والفضةِ والصُّفْرِ والحديدِ، فخلَص خالِصُه، قال: ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾، كذلك بقاءُ الحقِّ لأهلِه فانْتَفَعوا به (٥).

حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ الزَّعفرانيُّ، قال: ثنا حجاجُ بنُ محمدٍ، قال: قال ابن


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "فيرفع".
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٣٧٠. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٥٥ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٣) في ص، ت ٢، ف: "أو الفضة".
(٤) الصفر: النحاس الأصفر. الوسيط "ص ف ر".
(٥) سقط من: م. والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٥٦ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبى الشيخ.