للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكنْ مُقرًّا اللهِ بالربوبيةِ، وإنما كان يزعُمُ أنه هو الربُّ، فغيرُ جائزٍ أن يقولَ لموسى - إن كان موسى عنده على دينِه يومَ قتل القتيلَ على ما قاله السُّديُّ -: فعلت الفَعْلةَ وأنت من الكافرين. و (١) الإيمانُ عندَه هو دينُه الذي كان عليه موسى عندَه. إلا أن يقولُ قائلٌ: إنما أراد: وأنت من الكافرين يومَئذٍ يا موسى، على قولِك اليومَ. فيكونُ ذلك وجهًا يتَوَجَّهُ.

فتأويلُ الكلامِ إذن: وقتَلْتَ الذي قتَلْتَ منا وأنت من الكافرين نعمتَنا عليك وإحسانَنا إليك، في قتلك إيَّاه.

وقد قيل: معنى ذلك: وأنت الآنَ من الكافرين لنعمتي عليك، وتربيتى إيَّاك.

القولُ في تأويلِ قولهِ تعالى: ﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال موسى لفرعونَ: فعَلتُ تلك الفَعْلةَ التي فعَلتُ. أي: قتَلْتُ تلك النفسَ التي قتلتُ، ﴿إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾. يقولُ: وأنا من الجاهلين قبلَ أن يأتيَنى من اللهِ وحىٌ بتحريمِ قتلهِ عليَّ.

والعربُ تضعُ الضلالَ موضعَ الجهلِ، والجهلَ موضعَ الضلالِ، فتقولُ: قد جهِل فلانٌ الطريقَ، وضلَّ الطريقَ. بمعنًى واحدٍ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى


(١) زيادة يقتضيها السياق.