للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاكتُفِى باللام دليلًا على التعجب من إظهار الفعل، وإنما الكلامُ: أَغرَّكَ أن قالوا: اعجَبوا لقرَّةَ شاعرًا. فكذلك قوله: ﴿لإِيلَافِ﴾.

وأما القولُ الذي قاله من حكَينا قولَه: إنها من صلة قوله: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾. فإن ذلك لو كان كذلك، لوجَب أن يكون ﴿لإيلَافِ﴾ بعضَ ﴿أَلَمْ تَرَ﴾، وأن لا تكونَ سورةً منفصلةً من ﴿أَلَمْ تَرَ﴾. وفى إجماع جميعِ المسلمين على أنهما سورتان تامَّتان، كلُّ واحدة منهما منفصلةٌ عن (١) الأخرى - ما يبينُ عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك، ولو كان قوله: ﴿لإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ من صلة قوله: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾ [الفيل: ٥]. لم تكن ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ * تامةً حتى توصل بقوله: ﴿لإيلَافِ قُرَيْشٍ﴾؛ لأن الكلام لا يتمُّ إلا بانقضاء الخبر الذي ذُكر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عباس في قوله: (إلْفِهم رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ). يقولُ: لزومهم (٢).

حدثني محمد بن سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: ﴿لإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾. قال: نهاهم عن الرحلة، وأمَرهم أن يعبُدوا ربَّ هذا البيت، وكفاهم المؤنةَ، وكانت رحلتهم في الشتاء والصيف، فلم يكن لهم راحة في شتاء ولا صيف، فأطعمهم بعد ذلك من جوع،


(١) في الأصل: "من".
• إلى هنا ينتهى الجزء السابع والأربعون من نسخة جامعة القرويين، وهو آخر الموجود منها لدينا.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٩٧ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.