للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَشْهُرٍ﴾. بعضًا دونَ بعضٍ، بل عمَّ به كلَّ مؤلٍ ومُقْسِمٍ، فكلُّ مُقْسمٍ على امرأتِه ألا يَغْشاها مدةً هى أكثرُ مِن الأجَلِ الذى جعَل اللهُ له تربُّصَه، فمُؤْلٍ مِن امرأتِه عند بعضِهم، وعندَ بعضِهم هو مُؤْلٍ وإن كانت مدةُ يَمينِه الأجلَ الذى جُعِل له تربُّصه.

وأما علةُ مَن قال بقولِ الشَّعبيِّ والقاسمِ وسالمٍ، أن اللهَ تعالى ذكرُه جعَل الأجَلَ الذى حدَّه للمُؤلى مَخْرَجًا للمرأةِ من سوءِ عِشْرةِ (١) بعلِها إياها وضرارِه لها (٢)، وليست اليمينُ عليها بألا يجامِعَها ولا يَقْرَبَها بأولى بأن تَكُونَ مِن معانى سوءِ العشرةِ والضِّرارِ مِن الحلِفِ عليها ألا يُكَلِّمَها أو يَسُوءَها أو يَغِيظَها؛ لأنَّ كلَّ ذلك ضَرَرٌ عليها، وسُوءُ عشرةٍ لها.

وأولى التأويلاتِ التى ذكَرْنا في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: كلُّ يمينٍ منَعت المُقْسِمَ الجماعَ أكثرَ مِن المدةِ التى جعَل اللهُ للمُؤلى تربُّصَها، قائلًا في غضبٍ كان ذلك أو رِضًا. وذلك للعلةِ التى ذكَرْناها قبلُ لقائِلى ذلك، وقد أتينا على فسادِ قولِ مَن خالَف ذلك في كتابِنا "كتابِ اللطيفِ" بما فيه الكفايةُ، فكرِهنا إعادتَه في هذا الموضِعِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بذلك: فإن رجَعوا إلى تَرْكِ ما حلَفوا عليه أن يَفْعَلوه بهنَّ مِن تَرْكِ جماعِهن فجامَعوهنَّ وحنِثوا في أيمانِهم، فإن اللهَ غفورٌ لِما كان منهم مِن الكذبِ في أيمانِهم بألَّا يَأْتُوهنَّ ثم أتَوْهُنَّ، ولما (٣) سلَف منهم إليهنَّ مِن اليمينِ على ما لَمْ يَكُنْ لهم أن يَحْلِفوا عليه فحلَفوا عليه، رحيمٌ بهم


(١) في م: "عشرتها".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بها".
(٣) في النسخ: "بما". والمثبت هو الصواب.