للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ لَكُمْ آيَةً﴾. يقولُ: حُجَّةً وعلامةً، ودلالةً (١) على حقيقةِ ما أَدْعوكم إليه، ﴿فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ﴾، فليس عليكم رزقُها ولا مُؤْنتُها، ﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ﴾. يقولُ: لا تقْتُلوها ولا تَنالوها بعَقْرٍ؛ ﴿فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ﴾. يقولُ: فإنكم إن تَمَسُّوها بسُوءٍ يأخُذْكم عذابٌ مِن اللَّهِ غيرُ بعيدٍ فيُهْلِكْكم.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥)﴾.

يقولُ ﷿: فعَقَرَت ثمودُ ناقةَ اللَّهِ. وفي الكلامِ محذوفٌ قد تُرِكَ ذكرُه؛ استغناءً بدلالةِ الظاهرِ عليه، وهو: فكَذَّبوه فعَقَروها، فقال صالحٌ لهم: ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ﴾. يقولُ: اسْتَمْتِعوا في دارِ الدنيا بحياتِكم ثلاثةَ أيامٍ، ﴿ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾. يقولُ: هذا الأَجَلُ الذي أجَّلْتُكم وَعْدٌ مِن اللَّهِ، وَعَدَكم بانقضائِه الهلاكَ ونزولَ العذابِ بكم، ﴿غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾. يقولُ: لم يَكْذِبْكم فيه مَن أعْلَمَكم ذلك.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾: وذُكِر لنا أن صالحًا حينَ أخْبَرَهم أن العذابَ أَتاهم، لَبِسوا الأنْطاعَ (٢) والأَكْسيةَ، وقيل لهم: إن آيةَ ذلك أن تَصْفَرَّ ألوانُكم أولَ يومٍ، ثم تَحْمَرَّ في اليومِ الثاني، ثم تَسْودَّ في اليومِ الثالثِ. وذُكِر لنا أنهم لمَّا عَقَروا الناقةَ نَدِموا وقالوا: عليكم الفصيلَ (٣). فصَعِدَ الفَصِيلُ القارَّةَ -


(١) سقط من: ت ١، س، ف.
(٢) الأنطاع: جمع نَطعٍ وهو بساط من الجلد، كثيرا ما كان يُقتل فوقه المحكوم عليه بالقتل. الوسيط (ن ط ع).
(٣) الفصيلُ: ولدُ الناقةِ إذا فصل عن أمه، والجمع فُصلان وفِصال. اللسان (ف ص ل).