للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عكرمةَ قولَه: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. قال: هذه مكيةٌ. قال ابنُ جُريجٍ: قال مجاهدٌ: هذه مكيةٌ.

فتأويلُ الكلامِ إذن: واذكُرْ يا محمدُ نعمتى عندَك بمكرى بمن حاول المكرَ بك من مشركي قومِك، بإثباتِك، أو قتلِك، أو إخراجِك من وطنِك، حتى استنقذتُك منهم وأهلكتُهم، فامضِ لأمرى فى حربِ من حارَبك من المشركين، وتولَّى عن [إجابتِك إلى] (١) ما أَرْسَلتُك به من الدينِ القيِّم، ولا يُرْعِبنَّك كثرةُ عددِهم، فإن ربَّك خيرُ الماكرين بمن كفَر به، وعبَد غيرَه، وخالَف أمرَه ونهيَه. وقد بيَّنا معنى المكرِ فيما مضى بما أغنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا تُتْلَى على هؤلاء الذين كفَروا آياتِ كتابِ اللهِ الواضحةَ لمن شرَح اللهُ صدرَه لفَهْمِه، قالوا - جهلًا منهم، وعنادًا للحقِّ، وهم يعلَمون أنهم كاذبون فى قيلِهم: ﴿لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا﴾، الذي تُلِيَ علينا، ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾. يعنى أنهم يقولون: ما هذا القرآنُ الذي يُتْلَى عليهم إلا أساطيرُ الأوَّلين.

والأساطيرُ جمعُ أَسْطُرٍ، وهو جمعُ الجمعِ؛ لأن واحدَ الأَسْطُرِ سَطْرٌ، ثم يُجْمَعُ السطرُ: أَسْطُرٌ وسطورٌ، ثم تُجْمَعُ الأسطرُ: أساطيرُ وأساطرُ.

وقد كان بعضُ أهلِ العربيةِ (٣) يقولُ: واحدُ الأساطيرِ أُسْطُورةٌ.


(١) في م، ف: "إجابة".
(٢) ينظر ما تقدم في ٩/ ٥٣٩.
(٣) هو أبو عبيدة فى مجاز القرآن ١/ ١٨٩ وينظر ما تقدم في ٩/ ٢٠٠.