للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدِّم آخرُ فنقَر فوقَ رأسِه بعصًا نَقْرةً، ثم أَرْسَله فقال: "ما صورتُه يا جبريلُ؟ ". فقال: كُفِيتَه يا نبيَّ اللهَ. ثم [أُتى بآخرَ] (١) فنقَر في ركبتِه، فقال: "ما صورتُه يا جبريلُ؟ ". قال: كُفِيتَه. ثم أُتى بآخرَ، فسقاه مَذْقةً (٢)، فقال: "ما صورتُه يا جبريلُ؟ ". قال: كُفِيتَه يا نبيَّ اللهِ. وأُتى بالخامسِ، فلما غدا من بيتِه مرَّ بنبالٍ فتعلَّق مِشْقصٌ (٣) بردائِه فالتوى، فقطَع الأكحلَ (٤) من رجلِه، وأما الذى كُحِلت عيناه فأصبح وقد عمِى، وأما الذى سُقِى مَذْقةً فأصبح وقد استَسقى بطنُه، وأما الذي نُقِر فوق رأسِه، فأخذته النُّقْرةُ (٥) -والنُّقْرَةُ (٦) قُرْحةٌ عظيمةٌ أخَذته في رأسِه- وأما الذي طُعِن في ركبتِه، فأصبح وقد أُقعِد، فذلك قولُ اللهِ: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ قولَه: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ أي: فمكَرتُ لهم (٧) بكيدى المتينِ حتى خلَّصتُك منهم (٨).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجَّاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، عن


(١) فى ف: "قدم آخر".
(٢) المذقة: الشربة من اللبن إذا خلط بالماء. اللسان (م ذ ق).
(٣) المشقص: نصل السهم إذا كان طويلًا غير عريض. النهاية ٢/ ٤٩٠.
(٤) الأكحل: عرق في اليد يفصد، وقيل: هو عرق الحياة، يدعى نهر البدن، وفي كل عضو منه شعبة لها اسم على حدة، فإذا قطع فى اليد لم يرقأ الدم. ينظر اللسان (ك ح ل).
(٥) فى ص، م، ت ١، ف: "النقدة".
(٦) فى ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "النقدة".
(٧) في سيرة ابن هشام، وتفسير ابن أبي حاتم: "بهم". وستأتى أيضًا في كلام المصنف ص ١٤٤: مكرت لهم.
(٨) سيرة ابن هشام ١/ ٦٦٩. وأخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٥/ ١٦٨٨ من طريق سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن عروة من قوله.