للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ: إن الشياطينَ عن سمع القرآنِ مِن المكانِ الذي هو به من السماءِ لمعزولون، فكيف يستطيعون أن يتنزَّلوا به!

وبنحوِ الذي قلنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبَرنا عبد الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ﴾. قال: هذا القرآنُ.

وفي قولِه: ﴿إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾. قال: عن سمعِ السماءِ (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني أبو سفيانَ، عن معمرٍ، عن قتادةَ بنحوِه، إلا أنه قال: عن سمعِ القرآنِ.

والقرأةُ مجمعةٌ على قراءةِ: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ﴾ بالتاءِ (٢) ورفعِ النونِ؛ لأنها نونٌ أصليةٌ. واحدُهم شيطانٌ، كما واحدُ البَساتِين بُسْتانٌ.

وذُكِر عن الحسنِ أنه كان يَقْرَأُ ذلك: (وما تَنَزَّلَت به الشَّياطُونَ) بالواوِ (٣).

وذلك لحنٌ، ويَنْبَغى أن يكونَ ذلك إن كان صحيحًا عنه، أن يكونَ توَهَّم أن ذلك نظيرُ المسلمين والمؤمنين، وذلك بعيدٌ مِن هذا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥)﴾.


(١) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٧٧، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨٢٤ من طريق سعيد، عن قتادة.
(٢) بعده في ف: "والنون".
(٣) وبها قرأ الأعمش وابن السميقع. تفسير القرطبي ١٣/ ١٤٢، والبحر المحيط ٧/ ٤٦.