للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾: تصييرَه الكعبةَ البيتَ الحرامَ قيامًا للناسِ والشهرَ الحرامَ والهَدْىَ والقلائدَ. يقولُ تعالى ذكرُه: صيَّرتُ لكم أيُّها الناسُ ذلك (١) قيامًا، كي تعلَموا أن مَن أَحْدَث لكم لمصالحِ دنياكم ما أَحْدَث مما به قِوامُكم، علمًا (٢) منه بمنافعِكم ومضارِّكم، أنه كذلك يعلَمُ جميعَ ما في السماواتِ وما في الأرضِ، مما فيه صلاحُ عاجلِكم وآجلِكم، ولتعلَموا أنه بكلِّ شيءٍ عليمٌ، لا يَخْفَى عليه شيءٌ من أمورِكم وأعمالِكم، وهو مُحْصِيها عليكم، حتى يجازيَ المحسنَ منكم بإحسانِه، والمسيءَ منكم بإساءتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: اعْلَموا أَيُّها الناسُ أن ربَّكم الذي يعلَمُ ما في السماواتِ وما في الأرضِ، ولا يَخْفَى عليه شيءٌ من سرائرِ أعمالِكم وعلانيتِها، وهو يُحْصِيها عليكم ليجازيَكم بها - شديدٌ عقابُه من عصاه وتمرَّد عليه، على معصيتِه إياه، وهو غفورٌ لذنوبَ مَن أطاعه وأناب إليه، فساترٌ عليه، وتاركٌ فضيحتَه بها، رحيمٌ به أن يعاقبَه على ما سلف من ذنوبِه، بعدَ إنابتِه وتوبتِه منها.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (٩٩)﴾.

وهذا مِن اللهِ تعالى ذكرُه تهديدٌ لعبادِه ووعيدٌ، يقولُ تعالى ذكرُه: ليس على


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "علمنا".