للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمن، قال: ثنا سفيانُ، عن يونسَ، عن الحسنِ بمثله.

قال: ثنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ ومجاهدٍ: ﴿الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾. القانعُ الجالسُ في بيته، والمُعترُّ الذى يتعرَّضُ لك (١).

وأولى هذه الأقوال بالصواب قولُ من قال: عُنى بالقانِع السائلُ؛ لأنه لو كان المَعنىُّ بالقانع فى هذا الموضع المُكتَفيَ بما عندَه، والمُستغنِىَ به، لقيل: وأطعموا القانعَ والسائلَ. ولم يقُلْ: ﴿وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾. وفي إتباعِ ذلك قوله: ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾. الدليلُ الواضحُ على أن القانعَ معنىٌّ به السائلُ، من قولهم: قَنَعَ فلانٌ إلى فلانٍ. بمعنى. سألَه وخَضَع إليه، فهو يقنَعُ قُنُوعًا. ومنه قولُ لبيدٍ (٢):

وإعطائي (٣) المَولَى على حينِ فَقرِه … إذا قال أَبصِرْ خَلَّتِي وَقُنُوعِى (٤)

وأما "القانِعُ" الذى هو بمعنى المُكتَفى فإنه من: قنعتُ به (٥)، بكسر النون، أقنَعُ قَناعةً وقَنَعًا وقَنَعانًا. وأما "المُعتَرُّ" فإنه الذى يَأْتِيك مُعتَرًّا بك لتُعطِيَه وتُطعِمَه.

وقولُه: ﴿كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ﴾. يقولُ: هكذا سخَّرنا البُدنَ لكم أيُّها الناسُ، ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. يقولُ: لتشكُرونى على تَسخيرها لكم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ


(١) تقدم في ص ٥٦٤ حاشية (٤).
(٢) شرح ديوانه ص ٧١.
(٣) فى النسخ: "وأعطاني"، والمثبت من الديوان.
(٤) في الديوان: "خشوعى"، ورواه أبو عبيدة فى مجاز القرآن ٢/ ٥٢ وفيه موضع الشاهد.
(٥) سقط من: م.