للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾. يقولُ: فبرحمةٍ مِن اللهِ لنْتَ لهم (١).

وأما قولُه: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾. فإنه يعنى بالفَظِّ الجافيَ، وبالغليظِ القلبِ القاسيَ القلبِ غيرَ ذى رحمةٍ ولا رأفةٍ، وكذلك كانت صفتُه ، كما وصَفَه اللهُ به: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨].

فتأويلُ الكلامِ (٢): فبرحمةِ اللهِ (٣) يا محمدُ، وبرأْفَتِه بك، وبمَن آمَن بك مِن أصحابِك، لِنتَ لتُبَّاعِك وأصْحابِك، فسهُلَت لهم خَلائِقُك (٤)، وحسُنَت لهم أخْلاقُك، حتى احْتَمَلْتَ أذَى مَن نالك منهم أذاه، وعفَوْتَ عن ذى الجُرْمِ منهم جُرْمَه، وأَغْضَيْتَ عن كثيرٍ ممَّن لو جفَوْتَ به، وأَغْلَظْتَ عليه، لترَكَك ففارَقَك ولم يَتَّبِعْك، ولا ما بُعِثْتَ به مِن الرحمةِ (٥)، ولكنَّ الله جَلَّ وعزَّ رحِمَهم ورحِمَك معهم، فبرحمةٍ مِن اللهِ لِنْتَ لهم.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٠٠ (٤٤٠٨) من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) في س: "الآية".
(٣) في س: "من الله".
(٤) في س: "أحلامك".
(٥) أي: ولم يتبع ما بعثت به من الرحمة.