للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ: فعلى هذا التأويل جوابُ قولِه: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا﴾. قولُه: ﴿فَانكِحُوا﴾.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: النهيُ عن نكاحِ ما فوقَ الأربعِ [من النساءِ حذارا] (١) على أموالِ الأيتامِ أن يُتْلِفَها أولياؤهم. وذلك أن قريشًا، كان الرجلُ منهم يَتَزوَّجُ العشْرَ من النساءِ، والأكثرَ والأقلَّ، فإذا صار مُعْدِمًا، مال على مالِ يتيمِه الذي في حِجْرِه فأنفَقه أو تزوَّج به، فنُهوا عن ذلك، وقيل لهم: إن أنتم خفتم على أموالِ أيتامِكم أن تُنْفِقوها فلا تَعْدِلُوا فيها، مِن أجلِ حاجتِكم إليها، لما يَلْزَمُكم مِن مُؤَنِ نسائِكم، فلا تُجاوِزوا فيما تَنْكِحون مِن عددِ النساءِ على أربعِ، وإن خِفْتم أيضًا مع الأربعِ، ألا تَعْدِلوا في أموالِهم، فاقْتَصِروا على الواحدةِ، أو على ما مَلَكت أيمانُكم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن سِماكٍ، قال: سمِعت عِكرمةَ يَقُولُ في هذه الآيةِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾. قال: كان الرجلُ مِن قريشٍ تَكونُ عندَه النِّسْوةُ ويَكونُ عندَه الأيتامُ، فيَذهَبُ مالُه، فيَميلُ على مالِ الأيتامِ. قال: فنزَلت هذه الآيةُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ (٢).

حدَّثنا هنّادُ بنُ السَّرِيِّ، قال: ثنا أبو الأحوَصِ، عن سِماكٍ، عن عِكرمةَ في قولِه: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. قال: كان الرجلُ يَتَزَوَّجُ


(١) في ص: "حذارا". وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حذرا". تاج العروس (ح ذ ر).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ٣٥٩ عن محمد بن جعفر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١١٨ إلى ابن المنذر.