للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك إلى أنْ يكونَ: وإذا الموءودةُ سُئلت قتلَتُها ووائدُوها بأيِّ ذنبٍ قتلوها. ثم رُدَّ ذلك إلى ما لم يُسمَّ فاعلُه، فقيل: ﴿بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾.

وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصوابِ قراءةُ مَن قرَأ ذلك: ﴿سُئِلَتْ﴾ بضمِّ السينِ، ﴿بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ على وجْهِ الخبرِ؛ لإجماعِ الحجةِ من القرأةِ عليه.

والموءودةُ المدفونةُ حيةً. وكذلك كانت العربُ تفعَلُ ببناتِها، ومنه قولُ الفرزدقِ بن غالبٍ (١):

ومِنَّا الذي أحْيا الوَئيدَ وغالبٌ (٢) … وعمرٌو ومنا حامِلونَ ودَافِعُ

يقالُ: وأَده فهو يَئِدُه وأْدًا، ووأْدةً.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴾: هي في بعضِ القراءاتِ: (سألتْ بأَيِّ ذنبٍ قُتِلْتُ) (٣). لا بذنبٍ؛ كان أهلُ الجاهليةِ يَقْتُلُ أحدُهم ابنتَه ويَغْذُو كلْبَه، فعاب اللهُ ذلك عليهم (٤).

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ، قال: جاء قيس بنُ عاصمٍ التميميُّ إلى النبيِّ فقال: إنى وأَدْتُ ثمانيَ بناتٍ في الجاهلية. قال: "فأعتِقْ عن كلِّ واحِدَةٍ بَدَنَةً" (٥).


(١) البيت ملفق من بيتين من قصيدة في ديوانه ص ٥١٧.
(٢) في م، ت ١، ت ٣: "غائب".
(٣) وهى قراءة شاذة لم ترد عن أحد من القراء العشرة.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣١٨ إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٥١ عن معمر به، وأخرجه البزار (٢٣٨)، وابن أبي حاتم كما في=