للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعثني إليك - ﴿إلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾؛ لأن ذلك لا يقدِرُ عليه ولا على أمثالِه أحدٌ سواه، ﴿بَصَائِر﴾ يعنى بـ "البصائرِ" الآياتِ أنهنَّ بصائرُ لَمن استبصَر بهنَّ، وهدًى لَمن اهتدَى بهنَّ، يعرِفُ بهنَّ مَن رآهُنَّ أن مَن جاء بهنَّ فَمُحِقٌّ، وأنهنَّ من عندِ اللهِ لا مِن عند غيرِه، إذ كُنَّ معجِزاتٍ لا يقدِرُ عليهنَّ ولا على شيءٍ منهنَّ سوى ربِّ السماواتِ والأرض.

وهو جمعُ بصيرةٍ.

وقولُه: ﴿وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾. يقولُ: إني لأظُنُّك يا فرعون ملعونًا ممنوعًا من الخيرِ.

والعربُ تقولُ: ما ثَبَرَك عن هذا الأمرِ؟ أي: ما مَنعك منه، وما صَرَفَك (١) عنه؟ وثَبَرَه الله فهو يَثْبُرُه ويُثْبِرُه. لغتانِ. ورجلٌ مثبورٌ: محبوسٌ عن الخيراتِ هالكٌ. ومنه قولٌ الشاعر (٢):

إذ أُجارِي الشَّيطانَ فِي سَنَنِ الغَيِّ … ومَن مالَ مَيْلَهُ مَثْبُورُ

وبنحوِ الذي قُلْنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا عبدُ الله بنُ عبدِ الله الكِلابيٌّ، قال: ثنا أبو خالدٍ الأحمرُ، قال: ثنا عمرُ بن عبدِ اللَّهِ، عن المِنْهالِ بن عمرٍو، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾. قال: ملعونًا (٣).


(١) في م: "صدك"، وفى ت ١، ف: "صدفك"، وفى ت ٢: "صدقك". وينظر معاني القرآن للفراء ٢/ ١٣٢.
(٢) هو عبد الله بن الزِّبعْرَى، والبيت في سيرة ابن هشام ٢/ ٤١٩، وسيأتي في ١٧/ ٤١٢.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٠٥ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم.