للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قوله ﷿: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٩)﴾.

يقولُ: الحمدُ للهِ الذي رزَقَنى على كِبَرِ مِن السنِّ ولدًا؛ إسماعيلَ وإسحاقَ. ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾، يقولُ: إن ربي لَسميعٌ دعائى الذي أَدْعُوه به، وقوله: ﴿اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾، وغيرَ ذلك من دعائى ودعاءِ غيرى، وجميعَ ما نطَق به ناطقٌ، لا يَخْفَى عليه منه شيءٌ.

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا ابن فُضَيْلٍ، عن ضرار بن مُرَّةً، قال: سمعتُ شيخًا يُحَدِّثُ سعيدَ بنَ جبيرٍ، قال: بُشِّر إبراهيمُ بعدَ سبعَ عشْرةَ ومائةِ سنةٍ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (٤٠)﴾.

يقولُ: ربِّ اجْعَلْنى مُؤَدِّيًا ما أَلْزَمْتَنى من فريضتِك التي فرَضْتَها عليَّ مِن الصلاةِ، ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾، يقولُ: واجْعَلْ أيضًا مِن ذريتى مُقِيمى الصلاةِ لك. ﴿رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ يقولُ: ربَّنا وتَقَبَّلْ عملى الذي أَعْمَلُه لك، وعبادتي إياك. وهذا نظيرُ الخبرِ الذي رُوِى عن رسولِ اللهِ أنه قال: "إِنَّ الدعاءَ هو العبادةُ". ثم قرَأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ " (٢) [غافر: ٦٠].

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٨٧ إلى المصنف.
(٢) تقدم تخريجه في ٣/ ٢٢٢.