للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذهبِهم: ما قولُنا لشيءٍ إذا أرَدْناه إلا أن نقولَ له: كُنْ. فيكونَ. وقد حُكِى عن العربِ سَماعًا: أُريدُ أن آتِيَك، فيَمْنَعَنِى المطرُ. عطفًا بـ "يَمْنَعَنى" على "أن آتيَك".

وقولُه: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: والذين فارَقوا قومَهم ودُورَهم وأوطانَهم؛ عداوةً لهم في اللهِ على كفرِهم، إلى آخرين غيرِهم. ﴿مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾. يقولُ: مِن بعدِ نِيلَ منهم في أنفسِهم بالمَكَارهِ (١) في ذاتِ اللهِ. ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾. يقولُ: لَنُسْكِنَنَّهم في الدنيا مَسْكَنًا يَرْضَوْنه صالحًا.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾. قال: هؤلاء أصحابُ محمدٍ، ظلَمهم أهلُ مكةَ، فأخْرَجوهم مِن ديارِهم، حتى لَحِق طوائفُ منهم بالحَبَشَةِ، ثم بَوَّأَهمُ اللَّهُ المدينةَ بعدَ ذلك، فجَعَلها لهم دارَ هجرةٍ، وجعَل لهم أنصارًا من المؤمنين (٢).

حُدِّثتُ عن القاسمِ بن سَلَّامٍ، قال: ثنا هُشَيمٌ، عن داودَ بن أبي هندٍ، عن الشَّعْبيِّ: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا﴾. قال: المدينةَ (٣).


(١) في ص: "بالمكابرة"، وفى ت ١: "بالمكابرة"، وفى ت ٢: "بالمكابرة". وفى ف "بالمكاثرة".
(٢) ذكره البغوي في تفسيره ٥/ ٢٠، وابن كثير في تفسيره ٤/ ٤٩١ بلفظ المدينة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٨ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٤٩١، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٨ إلى المصنف وابن المنذر.