للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن هؤلاءِ المشرِكين أنهم قالوا: وما يُهْلِكُنا فيُفْنِينَا إلا مَرُّ الليالي والأيامِ وطولُ العمرِ. إنكارًا منهم أن يكونَ لهم ربٌّ يُفنِيهم ويُهْلِكُهم.

وقد ذُكِر أنها في قراءةِ عبدِ اللهِ: (وَمَا يُهْلِكُنا إِلَّا دَهْرٌ يمُرُّ) (١).

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾. قال: الزمانُ (٢).

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾: قال ذلك مشرِكو قريشٍ ﴿وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾: إلا العمرُ (٣).

وذُكِر أن هذه الآيةَ نزَلت من أجلِ أن أهلَ الشركِ كانوا يقولون: الذي يُهْلِكُنا ويُفْنِينا الدهرُ والزمانُ. [ثم يَسُبُّون ما يُفْنِيهم ويُهْلِكُهم، وهم يرَوَن أنهم يَسُبُّون بذلك الدهرَ والزمانَ] (٤)، فقال اللهُ ﷿ لهم: أنا الذي أُفنِيكم وأُهْلِكُكم، لا الدهرُ والزمانُ، ولا علمَ لكم بذلك.


(١) وهى قراءة شاذة، قال أبو حيان في البحر المحيط ٨/ ٤٩ وقرأ عبد الله "إلا دهر" وتأويله: إلا دهر يمر. وينظر مختصر الشواذ لابن خالويه ص ١٣٩.
(٢) تفسير مجاهد ص ٦٠٠، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢١٢ عن معمر به.
(٤) سقط من: ت ٢، ت ٣.