للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشواهِده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضعِ (١).

ورُوى، عن ابن عباس في ذلك ما حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿لَا جَرَم﴾. يقولُ: بلى (٢).

وقولُه: ﴿لَا جَرَم﴾. كان بعضُ أهلِ العربيةِ يقولُ: لم تُنصَبْ ﴿جَرَمَ﴾ بـ ﴿لَا﴾، كما نُصِبتِ الميمُ من قولِه: لا غلامَ لك. قال: ولكنها نُصِبت لأنها فعلٌ ماضٍ، مثلُ قولِ القائلِ: قعَد فلانٌ وجلَس. والكلامُ: ﴿لَا﴾ [ردٌّ لكلامِهم، أي] (٣): ليس الأمرُ هكذا ﴿جَرَمَ﴾ الله: كسَب، مثلُ قولِه: ﴿لَا أُقْسِمُ﴾ [القيامة: ١]. ونحوُ ذلك.

وكان بعضُهم يقولُ: نصبُ ﴿جَرَمَ﴾ بـ ﴿لَا﴾، وإنما هو بمعنى: لابدَّ، ولا محالةَ. ولكنها كثُرت في الكلامِ حتى صارت بمنزلِة "حقًّا".

وقولُه: ﴿وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وأنهم مُخَلَّفون متروكون في النارِ، مَنْسِيُّون فيها.

واختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال أكثرُهم بنحوِ ما قلنا في ذلك.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ وابنُ وكيعٍ، قالا: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن أبي بشرٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ في هذه الآيةِ: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ


(١) ينظر ما تقدم في ١٢/ ٣٧٣.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠١٩ من طريق أبى صالح به.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "بد لكلام".