للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتذكيرُ اللهِ تعالى ذكرُه الذي ذكَّر بهذه الآيةِ مِن نعَمِه على لسانِ رسولِه محمدٍ ، نظيرُ تَذْكيرِ موسى صلواتُ الله عليه أسلافَهم على عهدِه الذي أخْبَر اللهُ عنه أنه قاله لهم، وذلك قولُه: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [المائدة: ٢٠].

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾.

قال أبو جعفرٍ: قد تقَدَّم بَيانُنا عن معنى العهدِ فيما مضَى مِن كتابِنا هذا، واختلافِ المُخْتَلِفِين في تأويلِه (١)، والصوابِ عندَنا مِن القولِ فيه. وهو في هذا الموضعِ عهدُ الله ووصيتُه التى أخَذ على بنى إسرائيلَ في التَّوراةِ أن يُبيِّنوا للناسِ أمرَ محمدٍ أنه رسولُ اللهِ، وأنهم يَجِدونه مَكتوبًا عندَهم أنه نبيُّ اللهِ، وأَن يُؤمِنوا به وبما جاءبه مِن عندِ اللهِ.

﴿أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ وعهدُه إليهم (٢) أنهم إذا فعَلوا ذلك أدْخَلَهم الجنةَ، كما قال تعالى ذكرُه: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ الآية [المائدة: ١٢]. وكما قال: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (١٥٦) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾ الآية [الأعراف: ١٥٦، ١٥٧].

وكما حدَّثنا به ابنُ حُميدٍ، قال: حدَّثنا سلمةُ بنُ الفضلِ، عن ابنِ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ أبي محمدٍ مولى زيدِ بنِ ثابتٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ،


(١) تقدم في ص ٤٣٥ - ٤٣٩.
(٢) فى ص، ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إياهم".