للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانوا يفْعَلون مِن ذلك.

وأصلُ "اللَّعْنِ" الطردُ والإبعادُ والإقصاءُ، يقال منه: لعَن فُلانٌ (١) فلانًا يَلْعَنُه لَعْنًا، وهو ملعونٌ. ثم يُصَرَّفُ "مفْعولٌ" [منه إلى "فَعِيلٍ"] (٢)، فيقال: هو لَعِينٌ. ومنه قولُ الشَّمَّاخ (٣):

ذَعَرْتُ بهِ القَطَا وَنَفَيْتُ عَنْهُ … مَقَامَ (٤) الذِّئْبِ كالرَّجُلِ اللَّعِينِ

وفي قولِ اللهِ جلَّ ثناؤه: ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ﴾. تكذيبٌ منه للقائلينَ من اليهودِ: ﴿قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾. لأنَّ قولَه: ﴿بَلْ﴾. دلالةٌ على جَحْدِه جل ذكرُه، وإنكارِه ما ادَّعَوْا مِن ذلك، إذ كانت "بل" لا تدخُلُ في الكلامِ إلَّا نَقْضًا لمجحودٍ.

فإذ (٥) كان ذلك كذلك، فبَيِّنٌ أن معنى الآيةِ: وقالت اليهودُ: قلوبُنا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تدعونا إليه يا محمدُ. فقال اللهُ تعالى ذكرُه: ما ذلك كما زعَموا، ولكنّ اللهَ أقصَى اليهودَ وأبعَدَهم من رحمتِه، وطرَدهم عنها وأخزاهم، بجحودِهم [به وبرسلِه] (٦) فقليلًا ما يؤمنون.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (٨٨)﴾.

اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه ﴿فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾؛ فقال بعضُهم:


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الله".
(٢) سقط من: م، وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "منه".
(٣) ديوانه ص ٣٢١.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مكان".
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فإذا".
(٦) في م: "له ولرسله".