للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينْزَجِروا عمَّا هم عليه مُقيمون مِن الشركِ باللهِ وعبادةِ الأوثانِ، ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾. يقولُ: وكان (١) الإنسانُ أكثرَ شيءٍ مِراءً وخُصومةً، لا يُنيبُ لحقٍّ، ولا يَنْزجِرُ لموعِظةٍ.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ، في قولِه: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾. قال: الجدلُ الخصومةُ؛ خصومةُ القومِ لأنبيائِهم، وردُّهم عليهم ما جاءوا به. وقرَأ: ﴿مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ﴾ [المؤمنون: ٣٣]. وقرَأ: ﴿يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ [المؤمنون: ٢٤]. وقرَأ: ﴿حَتَّى نُؤْتَى﴾. . . الآية [الأنعام: ١٢٤]، ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ﴾. . . الآية [الأنعام: ٧]. وقرَأ: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ قال: هم ليس أنت. ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ (٢) [الحجر: ١٤، ١٥].

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (٥٥)﴾.

يقولُ عَزَّ ذكرُه: وما منَع هؤلاء المشركين يا محمدُ الإيمانَ باللهِ إذ جاءهم (٣) بيانُ اللهِ، وعَلِموا صحَّةَ ما تدعوهم إليه وحقيقتَه، والاستغفارَ مما هم عليه مُقيمون من شِرْكِهم، إلَّا مجيئُهم سُنَّتُنا في أمثالِهم من الأممِ المُكَذِّبةِ رسُلَها قبلَهم، أو إتيانُهم العذابُ قُبُلًا.

واختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك، فقال بعضُهم: معناه: أو يأتِيهَم


(١) سقط من: ت ١، ت ٢، ف.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٢٨ إلى ابن أبي حاتم مختصرًا.
(٣) بعده في ت ١، ف: "الهدى".