للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالذى حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ﴾: يَقِيهم ولا يَنْفَعُهم (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي فَعَلْنا (٢) بهؤلاء الأُمَمِ الذين مِن قبلِ مشركي قُريشٍ، من إهلاكِناهم بذنوبِهم، فَعلْنا بهم بأنهم كانتْ تأتيهم رسلُ اللهِ إليهم بالبَيَّنَاتِ؛ يعنى بالآياتِ الدَّالّاتِ على حقيقةِ ما تَدْعوهم إليه مِن توحيدِ اللهِ، والانْتِهاء إلى طاعتِه، ﴿فَكَفَرُوا﴾. يقولُ: فأنْكَروا رِسالَتها، وجحَدوا توحيدَ اللهِ، وأبَوْا أن يُطِيعوا الله، ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ﴾. يقولُ: فأخَذهم اللهُ بعذابِه فأهْلَكهم، ﴿إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

يقولُ: إن الله ذو قوةٍ، لا يَقْهَرُه شيءٌ ولا يَغْلِبُه، ولا يُعْجِزُه شيءٌ أَرادَه، شديدٌ عقابُه مَن عاقَب مِن خَلْقِه. وهذا وعيدٌ مِن اللهِ مشركي قُريشٍ، المُكَذِّبين رسولَه محمدًا ﷺ، يقولُ لهم جلَّ ثناؤُه: فاحْذَروا أيُّها القومُ أن تَسْلُكوا سبيلَهم في تكذيبِ محمدٍ ﷺ، وجحودِ توحيد اللهِ ومخالفةِ أمرِه ونهيِه، فيَسْلُكَ بكم في تَعْجيلِ الهلاكِ لكم مَسْلَكَهم. القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مُسَلِّيًا نبيَّه محمدًا ﷺ، عمَّا كان يَلْقَى مِن مشركي قومِه مِن قريشٍ، بإعلامِه ما لَقِى موسى مِمَّن أُرْسِل إليه مِن التكذيبِ، ومُخْبِرَه أَنه مُعْلِيهِ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٤٩ إلى عبد بن حميد.
(٢) في م: "فعلت".