للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرأه آخرون بذلك المعنى (فيُضَعِّفُه). غير أنَّهم قرَءوه بتشديدِ العَين وإسقاطِ الألفِ (١).

وقرأه آخرون ﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾. بإثباتِ الألف في "يُضَاعِفَ" ونَصْبِه، بمعنى الاستفهام (٢)، فكأنهم تأوَّلوا الكلامَ: مَن المُقْرِضُ الله قرضًا حَسَنًا فيضاعفه له؟ فجعَلوا قولَه: ﴿فَيُضَاعِفَهُ﴾ جوابًا للاستفهام، وجَعَلُوا ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ اسمًا؛ لأنَّ "الذي" وصِلَتَه بمنزلِة "عمرٍو "و" زيدٍ"، فكأنهم وجَّهوا تأويل الكلام إلى قولِ القائلِ: مَن أخوك فنُكْرِمَه. لأن الأفصَحَ في جوابِ الاستفهام بالفاء - إذا لم يَكُنْ قبله ما يُعْطَفُ به عليه من فعلٍ مستقبلٍ - نَصْبُه.

وأولى هذه القراءاتِ عندنا بالصواب (٣) قراءةُ مَن قرأَ: (فَيُضَاعِفُه له).

بإثباتِ الألفِ ورفع "يُضَاعِفُ"؛ لأنَّ في قوله: (من ذا الذي يُقْرِضُ اللهُ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفُه). [معنى الجزاء] (٤)، والجزاءُ إذا دخَل في جوابِه "الفاءُ"، لم يَكُنْ جوابُه بالفاء إلا (٥) رَفْعًا، فلذلك كان الرفْعُ في "يُضَاعَفُه" أولى بالصوابِ عندَنا من النَّصْبِ، وإنما اختَرْنا الألفَ في "يُضَاعِفُ"، مِن حذفها وتشديد العين؛ لأن ذلك أفصَحُ اللُّغَتَين، وأكثرُهما على ألسنة العرب.

القولُ في تأويل قوله: ﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾.

يعني تعالي ذكرُه بذلك أنه الذي يبدِه قبْضُ أرزاق العبادِ وبَسْطُها دون غيره ممن


(١) وهى قراءة ابن كثير المكى. المصدر السابق ص ١٣٨.
(٢) وهي قراءة عاصم، ولم يذكر المصنف قراءة: "فَيُضعفَه" بالتشديد والنصب وإسقاط الألف، وهى قراءة ابن عامر الشامي. المصدر السابق.
(٣) هذه القراءات متواترة مقروء بها، وليست إحداها أولى من غيرها بالصواب.
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢.
(٥) في م، ت ١، ت ٢: "لا".