للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ادَّعى أهلُ الشرك به أنهم آلهةٌ واتَّخَذوه ربًّا دونَه يَعْبُدُونَه، وذلك نظيرُ الخبر الذي روى عن رسول الله الذي حدَّثنا به محمدُ بنُ المثنى ومحمدُ بن بشارٍ، قالا: ثنا حجاجٌ، وحدَّثني عبدُ الملك بنُ محمدٍ الرَّقاشيُّ، قال: ثنا حجاجٌ وأبو ربيعة، قالا: ثنا حمادُ بنُ سلمةَ، عن ثابتٍ وحميدٍ وقتادةَ، عن أنسٍ، قال: غلا السِّعْرُ على عهدِ رسول الله ، قال: فقالوا: يا رسول الله، غلا السِّعرُ فَأَسْعِر لنا. فقال رسولُ اللهِ : "إن الله الباسِطُ القابِضُ الرازقُ، وإني لأرجو أن أَلْقَى الله ليس أحدٌ يَطْلُبُنى بمظلِمةٍ في نَفْس ومالٍ" (١).

قال أبو جعفر: يعنى بذلك أن الغَلاءَ والرُّخْصَ والسَّعةَ والضِّيقَ بيدِ اللهِ دونَ غيره، فكذلك قوله تعالى ذكرُه: ﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾. يعنى بقوله: ﴿يَقْبِضُ﴾: يُقْتِرُ بِقَبْضِه الرِّزْقَ عمن يَشاءُ من خلقه. ويَعْنى بقوله: ﴿وَيَبْسُطُ﴾: يُوَسِّعُ ببسطِه الرزقَ على مَن يشاءُ منهم.

وإنما أراد تعالى ذكرُه بقيلِه ذلك حثَّ عبادِه المؤمنين الذين قد بسَط عليهم من فضلِه، فوسَّع عليهم مِن رزقِه على تَقْوية ذوِى الإقتارِ منهم بمالِه، ومعونتِه بالإنفاقِ عليه وحمولته على النُّهوض لقتال عدوِّه من المشركين في سبيلِه، فقال تعالى ذكرُه: مَن يُقَدِّمْ لنفسِه ذُخْرًا عندى بإعطائه ضعفاءَ المؤمنين وأهل الحاجة منهم، ما يَستَعينُ به على القتال في سبيلى، فأضاعف له من ثوابى أضْعافًا كثيرةً مما (٢) أعطاه وقوَّاه به؟


(١) أخرجه ابن ماجه (٢٢٠٠) عن ابن المثنى به، وأخرجه الترمذى (١٣١٤) عن ابن بشار به، وأخرجه البيهقى ٦/ ٢٩ من طريق حجاج به، وأخرجه أحمد ٢٠/ ٤٦، ٢١/ ٤٤٤ (١٢٥٩١، ١٤٠٥٧)، وأبو داود (٣٤٥١)، وأبو يعلى (٢٨٦١)، وابن حبان (٤٩٣٥)، والبيهقى في الأسماء والصفات (١١١) من طريق حماد به.
(٢) في ص، ت ٢: "ما".