للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزُّهْرِى: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾. قال: نَزَلَت في شَوَّالٍ، فهى الأربعةُ الأشهر: شَوَّالٌ، وذو القَعْدة، وذو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ (١).

وقال آخرون: إنما كان تأجيلُ اللَّهِ الأشهرَ الأربعةَ المشركين في السياحةِ، لمَن كان بينَه وبينَ رسولِ الله عَهْدٌ مُدَّتُه أقلُّ (٢) من أربعة أشهرٍ. [أَمَّا مَن كان له عهدٌ مُدَّتُه أكثرُ من أربعة أشهرٍ] (٣)، فإنه أُمِر أن يُتِمَّ له عهدَه إلى مُدَّتِه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمد بنُ عبد الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عَن مَعْمَرٍ، قال: قال الكَلْبِيُّ: إنما كانت الأربعةُ الأشهرِ لَمَن كان بينه وبيَن رسول الله عهدٌ دونَ الأربعةِ الأشهرِ، فأَتَمَّ له الأربعةَ. ومَن كان له عهدٌ أكثرُ من أربعة أشهرٍ، فهو الذي أُمِر أن يُتِمَّ له عهدَه، وقال: ﴿فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ﴾ (٤).

قال أبو جعفرٍ، : وأَوْلى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ، قولُ مَن قال: الأَجَلُ الذي جَعَله الله لأهل العهدِ مِن المشركين، وأَذِن لهم بالسِّياحة فيه بقولِه: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾. إنما هو لأهل العهد الذين ظاهَروا على رسولِ الله ، ونَقَضُوا عهدَهم قبل انقضاءِ مُدَّتِه. فأمَّا الذين لم يَنْقُضوا عهدَهم، ولم يُظاهروا عليه، فإن الله جلَّ ثناؤُه، أمَر نبيَّه بإتمام العهد بينه وبينهم إلى مُدَّتِه بقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٤٧ (٩٢٢١) من طريق محمد بن عبد الأعلى به، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٦٥، ومن طريقه النحاس في الناسخ ص ٤٨٧ عن معمر به.
(٢) في ص، س، ف: "أكثر".
(٣) سقط من: ص، س، ف.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٦٥ عن معمر به.