للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حدَّثني سعيد بن الربيعِ، قال: حدَّثنا سفيان، عن عمرٍو، عن عكرمة: ﴿وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾. طريقًا إليها. يعنى إلى المدينة] (١).

وأمَّا قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾. ففيه وجهان؛ أحدهما: أن يكون "توفَّاهم" في موضع نصبٍ (٢) بمعنى المضِيِّ؛ لأن "فَعَّلَ" منصوبةٌ في كلِّ حالٍ. والآخرُ: أن يكون في موضع رفعٍ بمعنى الاستقبالِ، يُراد به: إن الذين تتوَفَّاهم الملائكةُ، فتكونَ إحدى التاءين من "تتوفَّاهم" محذوفةً، وهي [مرادةٌ في] (٣) الكلمة؛ لأن العربَ تَفْعَلُ ذلك إذا اجتمعت تاءانِ في أَوَّلِ الكلمة ربما حذَفت إحداهما وأثبتت الأخرى، وربما أثبتتهما جميعًا (٤).

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠)﴾.

قال أبو جعفر، : يعنى جل ثناؤه بقوله: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾: ومَن يُفارِقْ أَرضَ (٥) الشركِ وأهلَها هربًا بدينِه منها ومنهم إلى أرض الإسلام (٦) وأهلِها المؤمنين، ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، يعنى: في منهاج دينِ اللهِ وطريقه الذي شرعه لخلقه، وذلك الدين القيِّم، ﴿يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا﴾. يقولُ: يجد هذا المهاجرُ في سبيلِ اللهِ مُراغَمًا كثيرًا، وهو المُضْطَرَبُ في البلادِ والمَذْهَبُ،


(١) سقط من: ص، م، س. وانظر طريق عبد الرزاق عن ابن عيينة السابق.
(٢) يريد كونه فعلا ماضيا، وعبر بالنصب عن الفتح علامة بناء الماضي.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) انظر معاني القرآن للفراء ١/ ٢٨٤.
(٥) في الأصل: "أهل".