للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أن يقالَ: إن اللهَ جلَّ ثناؤه أخْبَر عن إبراهيمَ خليلِه أنه وابنَه إسماعيلَ رفَعا القواعدَ مِن البيتِ الحرامِ. وجائزٌ أن يكونَ ذلك قواعدَ بيتٍ كان أهْبَطه مع آدمَ، فجَعله مكانَ البيتِ الحرامِ الذي بمكةَ. وجائزٌ أن يكونَ ذلك كان القُبَّةَ التى ذكَرها عطاءٌ مما أنْشَأه اللهُ مِن زَبَدِ الماءِ. وجائزٌ أن يكونَ كان ياقوتةً أو درةً أُهْبِطتا مِن السماءِ. وجائزٌ أن يكونَ كان آدمُ بناه ثم تَهَدَّم حتَّى رفَع قَواعِدَه إبراهيمُ وإسماعيلُ. ولا علمَ عندَنا بأيِّ ذلك كان من أيّ؛ لأن حقيقةَ ذلك لا تُدْركُ إلا بخبرٍ عن اللهِ أو (١) عن رسولِه بالنَّقْلِ المُسْتفيضِ. ولا خبرَ بذلك تقومُ به الحجةُ، فيَجِبَ التسليمُ لها، ولا هو -إذ لم يَكُنْ به خَبَرٌ على ما وصفنا- مما [يُدْرَكُ علمُه] (٢) بالاستدلالِ والمقاييسِ، فيُمَثلَ بغيرِه، ويُسْتنبطَ عِلمُه مِن جهةِ الاجتهادِ. فلا قولَ في ذلك هو أوْلَى بالصوابِ مما قلنا واللهُ تعالى أعلم.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾.

يعني تعالى ذِكْرُه بذلك وإذْ يَرْفَعُ إبراهيمُ القواعِدَ من البيتِ وإسماعيلُ. يقولان: ربَّنا تقبَّلْ منا. وذُكِرَ أن ذلك كذلك في قراءةِ ابنِ مسعودٍ (٣)، وهو قولُ جماعةٍ مِن أهلِ التأويلِ.

ذِكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن


= وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٣٢ (١٢٣٥، ١٢٣٦)، والأزرقى في أخبار مكة ١/ ٣، ٢٩ من طريق ابن عيينة به. وأخرجه الحاكم ٢/ ٢٦٧ من طريق بشر بن عاصم به، بأثر على وحده. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٢٦ إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن علي وحده.
(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "و".
(٢) في م: "يدل عليه".
(٣) المصاحف ص ٥٧.