شركَ فيه، فوفَّقْناهم له، ﴿وَاجْتَبَيْنَاهُمْ﴾. يقولُ: واخْتَرْناهم لدينِنا وبلاغ رسالتِنا إلى من أرسلْناهم إليه، كالذي اخْتَرْنا ممَّن سمَّيْنا. يقالُ منه: اجْتَبَى فلانٌ لنفسِه كذا، إذا اخْتاره واصْطَفاه، يَجْتَبِيه اجْتِباءً.
وكان مجاهدٌ يقولُ في ذلك ما حدَّثني به محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ في قولِ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَاجْتَبَيْنَاهُمْ﴾. قال: أَخْلَصْناهم (١).
حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ مثلَه.
﴿وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. يقولُ: وسدَّدْناهم فأَرْشَدْناهم إلى طريقٍ غيرِ مُعْوَجٍّ، وذلك دينُ اللهِ الذي لا عِوَجَ فيه، وهو الإسلامُ الذي ارْتَضاه اللهُ ربُّنا لأنبيائِه، وأمَر به عبادَه.
يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ﴾: هو الهدى الذي هدَيْتُ به مَن سمَّيْتُ من الأنبياءِ والرسلِ، فوفَّقْتُهم به لإصابةِ الدينِ الحقِّ الذي نالوا بإصابتِهم إياه رضا ربِّهم، وشرفَ الدنيا، وكرامةَ الآخرةِ، هو ﴿هُدَى اللَّهِ﴾. يقولُ: هو توفيقُ اللهِ ولُطْفُه الذي يُوَفِّقُ به مَن يَشَاءُ، ويَلْطُفُ به لمَن أحَبَّ مِن خلقِه، حتى يُنِيبَ إلى طاعةِ اللهِ، وإخلاص العملِ له، وإقرارِه بالتوحيدِ، ورفضِ الأوثانِ والأصنامِ،
(١) تفسير مجاهد ص ٣٢٥، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٣٦ (٧٥٥٨).