للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُوَالاةِ أعدائِه، يقولُ لهم جلَّ ثناؤُه: يا أيُّها الذين آمَنوا باللهِ ورسولِه، لا تُوالوا الكفار، فتُوازِروهم مِن دونِ أهلِ ملِتكم ودينِكم مِن المؤمنين، فتكونوا كمَن أَوجَب اللهُ له النارَ مِن المنافقين.

ثم قال جلّ ثناؤُه متوعِّدًا مَن اتَّخَذ منهم الكافرين أولياءَ مِن دونِ المؤمنين، إن هو لم يَرْتدِع عن موالاتِه، ويَنْزَجر عن مُخالَّتِه، أن يُلْحِقَه بأهل ولايتِهم مِن المنافقين الذين أمَر نبيَّه بتبشيرِهم بأن لهم عذابًا أليما: ﴿أَتُرِيدُونَ﴾ أيُّها المتخِذون الكافرين أولياءَ مِن دونِ المؤمنين، ممن قد آمَن بي وبرسولى ﴿أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾. يقولُ: حجةً باتخاذكم الكافرين أولياءَ مِن دونِ المؤمنين، فتَسْتوجِبوا منه ما استَوجَبه أهلُ النفاقِ الذين وَصَف لكم صفتَهم، وأخبرَكم بمَحِلِّهم عندَه ﴿مُبِينًا﴾. يعنى: يُبِينُ (١) عن صحتِها وحَقيقتِها. يقولُ: فلا تَعَرَّضوا لغضبِ اللهِ، بإِيجابِكم الحجةَ على أنفسِكم، في تَقَدُّمكم على ما نَهاكم ربُّكم مِن موالاةِ أعدائِه وأهلِ الكفرِ به.

وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾. وإن للهِ السلطانَ على خلقِه، ولكنه يقولُ: عُذرًا مبِينًا (٢).


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ٤/ ١٠٩٧ (٦١٥٢) من طريق يزيد به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.