للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحزابُ من أمرِ عيسى وغيرِه (١).

ذكرُ من قال: معنى ذلك: الفصلُ بينَ الحقِّ والباطل في الأحكامِ وشرائعِ الإسلامِ

حدَّثنا بشرٌ، قال: حدَّثنا يزيدُ، قال: حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾: هو القرآنُ، أنزَله على محمدٍ، وفرَق به بينَ الحقِّ والباطلِ، فأحلَّ فيه حلالَه، وحرَّم فيه حرامَه، وشرَّع فيه شرائعَه، وحدَّ فيه حدودَه، وفرَض فيه فرائضه، وبيَّن فيه بيانَه، وأمرَ بطاعتِه، ونهَى عن معصيتِه (٢).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: حدَّثنا إسحاقُ، قال: حدَّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرَّبيعِ: ﴿وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾. قال: الفرقانُ القرآنُ، فرَق بينَ الحقِّ والباطلِ (٣).

والتأويلُ الذي ذكَرْناه عن محمدِ بن جعفر بن الزُّبيرِ في ذلك أوْلَى بالصّحةِ من التأويلِ الذي ذكَرْناه عن قتادةَ والربيعِ، وأن يكونَ معنى الفرقان في هذا الموضعِ فصلَ اللَّهِ بين نبيِّه محمدٍ والذين حاجُّوه في أمرِ عيسى وفي غيرِ ذلك من أمورِه، بالحُجّةِ البالغةِ القاطعةِ عذرَهم وعذرَ نُظَرائهم من أهلِ الكفرِ باللهِ.

وإنما قلْنا: هذا القولُ أوْلَى بالصوابِ؛ لأن إخبارَ اللهِ عن تنزيلِه القرآنَ قبلَ إخبارِه عن تنزيلِه التوراةَ والإنجيلَ في هذه الآيةِ، قد مضَى بقولِه: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾. ولا شكَّ أن ذلك الكتابَ هو القرآنُ لا غيرُه، فلا


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٦.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٨٨ (٣١٤٦) من طريق شيبان، عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر ٢/ ٣ إلى عبد بن حميد.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٨٨ (٣١٤٥) من طريق ابن أبي جعفر به.