للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا﴾. قال: كان أهلُ الشركِ يقولون: نعبُدُ الملائكةَ وعُزَيرًا، الذين يَدْعون، يعنى: الملائكةَ والمسيحَ وعُزيرًا (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء الذين يدعوهم هؤلاء المشركون أربابًا، ﴿يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾. يقولُ: يبتغِى المدعوّون أربابًا إلى ربِّهم القُربةَ والزُّلفةَ، لأنهم أهلُ إيمانٍ به، والمشركون باللهِ يعبُدونهم من دونِ اللهِ، ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾: أَيُّهم بصالحِ عملِه (٢) واجتهادِه في عبادتِه أقربُ عندَه زُلفةً. ﴿وَيَرْجُونَ﴾ بأفعالِهم تلك ﴿رَحْمَتَهُ﴾، ﴿وَيَخَافُونَ﴾ بخلافهم أَمْرَه ﴿عَذَابَهُ﴾، ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ﴾ يا محمدُ ﴿كَانَ مَحْذُورًا﴾ مُتَّقًى.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قالُ أهلُ التأويلِ، غير أنهم اختلَفوا في المدعوِّين؛ فقال بعضُهم: هم نفرٌ من الجنِّ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني أبو السائبِ، قال: ثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن عبد اللهِ في قولِه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾. قال:


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٨٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٨٩ إلى المصنف وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "أعماله".