للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسرائيلَ إيَّاه على نفسِه.

وقال آخرون: ما كان شيءٌ من ذلك عليهم حرامًا، ولا حرَّمه اللهُ عليهم في التوراةِ، وإنما هو شيءٌ حرَّموه على أنفسِهم، اتِّباعًا لأبيهم، ثم أَضافوا تحريمَه إلى اللهِ، فكذَّبهم اللهُ ﷿ في إضافتِهم ذلك إليه، فقال اللهُ ﷿ لنبيِّه محمدٍ : قل لهم يا محمدُ: إن كنتم صادقين، فأْتُوا بالتوراةِ فاتْلُوها حتى ننظُرَ هل ذلك فيها أم لا؟ فيتبيَّنَ (١) كَذِبُهم لمن يَجْهَلُ أمرَهم.

ذكرُ من قال ذلك

حُدِّثت عن الحسينِ بن الفَرَجِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ، قال: أخبَرنا عُبيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعتُ الضَّحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ﴾: إسرائيلُ هو يعقوبُ، أخَذه عِرْقُ النَّسَا، فكان لا يَبِيتُ (٢) الليلَ مِن وجَعِه، وكان لا يُؤْذِيه بالنهارِ، فحلَف لئن شَفاه اللهُ لا يأكُلُ عِرْقًا أبدًا. وذلك قبلَ نزولِ التوراةِ على موسى، فسأل نبيُّ اللهِ اليهودَ: ما هذا الذي حرَّم إسرائيلُ على نفسِه؟ فقالوا: نَزَلَتِ التوراةُ بتحريمِ الذي حرَّم إسرائيلٌ. فقال اللهُ لمحمدٍ : ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ إلى قولِه: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾. وكذبوا وافْتَرَوْا؛ لم تُنزَّلِ التوراةُ بذلك (٣).

وتأويلُ الآيةِ على هذا القولِ: كلُّ الطعامِ كان حِلًّا لبني إسرائيل من قبلِ أن


(١) في م، ت ١، ت ٢، س: "ليتبين".
(٢) في ص، م: "يثبت".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٠٦، ٧٠٧ (٣٨٢٥) من طريق أبي معاذ به مقتصرًا على آخره.