للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه مِن المطاعمِ المحرَّمةِ التي بيَّن تحريمَها لنا في غيِر حالِ الضرورةِ، لنا حلالٌ ما كنا إليه مُضْطَرِّين حتى تَزولَ الضرورةُ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ عن قتادةَ: ﴿إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾: مِن الميتةِ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإن كثيرًا مِن الناسِ يُجادِلُونكم في أكلِ ما حرَّم اللهُ عليكم أيُّها المؤمنون باللهِ، مِن الميتةِ، لَيُضِلُّون أتباعهم بأهوائهم مِن غيرِ علمٍ منهم بصحةِ ما يقولون، ولا بُرهانٍ عندهم بما فيه يُجادِلون، إلا ركوبًا منهم لأهوائِهم، واتباعًا منهم لدواعي نفوسهم، اعتداءً وخلافًا لأمرِ اللهِ ونهيِه، وطاعةً للشياطينِ. ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾. يقولُ: إن ربَّك يا محمدُ الذي أحَلَّ لك ما أَحَلَّ، وحرَّم عليك ما حرَّم، هو أعلمُ بمَن اعْتَدَى حُدودَه، فتَجاوَزها إلى خلافِها، وهو لهم بالمِرْصادِ.

واخْتَلَفَت القرأةُ في قراءة قوله: ﴿لَيُضِلُّونَ﴾؛ فقرأَته عامةُ أهلِ الكوفةِ: ﴿لَيُضِلُّونَ﴾ بمعنى: أنهم يُضِلُّون غيرَهم.

وقرَأ ذلك بعضُ البصريين والحجازيين: (لَيَضِلُّون) بمعنى: أنهم هم الذين يَضِلُّون عن الحقِّ فيَجُورُون عنه (٢).

وأولى القراءتين بالصوابِ في ذلك قراءةُ مِن قرَأ: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ﴾ (٣) بمعنى: أنهم يُضِلُّون غيرَهم. وذلك أن اللهَ جلَّ ثناؤُه أخْبَر نبيَّه


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٤١ إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٢) قرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف بضم الياء، والباقون بالفتح. ينظر النشر ٢/ ١٩٧.
(٣) القراءتان كلتاهما صواب.