للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اخْتلَفوا أيضًا في الصومِ؛ فقال بعضُهم: يصومُ لكلِّ مدٍّ يومًا.

وقال آخَرون: يصومُ مكانَ كلِّ نصفِ صاعٍ يومًا.

وقال آخرون: يصومُ مكانَ كلِّ صاعٍ يومًا.

ذكرُ من قال: المتُقوَّمُ للإطعامِ هو الصيدُ المقتولُ

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا جامعُ بنُ حمادٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن قتادةَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ﴾ الآية. قال: كان قتادةُ يقولُ: يحكُمان في النَّعمِ، فإن كان ليس عنده (١) ما يبلُغُ ذلك، نظَروا ثمنَه فقوَّموه طعامًا، ثم صام مكانَ كلِّ صاعٍ يومين.

وقال آخرون: لا معنى للتكفيرِ بالإطعامِ؛ لأن من وجَد سبيلًا إلى التكفيرِ بالإطعامِ، فهو واجدٌ إلى الجزاءِ بالمثلِ من النَّعمِ سبيلًا، ومن وجدَ إلى الجزاءِ بالمثلِ من النعمِ سبيلًا، لم يُجزِئْه التكفيرُ بغيرِه. قالوا: وإنما ذكَر اللهُ تعالى ذكرُه الكفَّارةَ بالإطعامِ في هذا الموضعِ ليدُلَّ على صفةِ التكفيرِ بالصومِ، [لا أنه] (٢) جعَل التكفيرَ بالإطعامِ إحدى الكفَّاراتِ التي يُكَفَّرُ بها قتلُ الصيدِ. وقد ذكَرنا تأويلَ ذلك فيما مضَى قبلُ (٣).

وأولى الأقوالِ بالصوابِ عندى في قولِ اللهِ تعالى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾. أن يكونَ مرادًا به: فعلى قاتلِه متعمِّدًا مثلُ الذي قتَل من النَّعمِ، لا القيمةُ، إن اختار أن يَجزيَه بالمثلِ من النَّعمِ؛ وذلك أن القيمةَ إنما هي من الدنانيرِ أو الدراهمِ، والدراهمُ أو الدنانير ليست للصيدِ بمثلٍ، واللهُ تعالى إنما أَوْجَب الجزاءَ مثلًا من النعمِ.


(١) في م: "صيده".
(٢) في ص، ت ١: "لأنه".
(٣) ينظر ما تقدم في ص ٦٨٠.