للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهرًا، أو كَلِّمْ لنا الموتى كما كان عيسى يُكَلِّمُهم. يقولُ: لم أُنزِلْ بهذا كتابًا، ولكن كان شيئًا أعطيتُه أنبيائي ورسلي (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قولِه: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ﴾ الآية. قال: قالوا للنبيِّ : إن كنت صادقًا فسيَّرْ عنا هذه الجبالَ واجعلْها حُروثًا كهيئةِ أرضِ الشامِ ومصرَ والبلدانِ، أو ابْعَثْ موتانا فأخبِرْهم، فإنهم قد ماتوا على الذي نحن عليه. فقال اللَّهُ: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾. لم يُصْنَعْ ذلك بقرآنٍ قَطُّ ولا كتابٍ فيُصْنَعَ ذلك بهذا القرآنِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا﴾.

اختلَف أهلُ المعرفةِ بكلامِ العربِ في معنى قولِه: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾؛ فكان بعضُ أهلِ البصرةِ يَزْعُمُ أَن معناه: ألم يَعْلَمُ ويَتَبَيَّنْ؟ ويَسْتَشْهِدُ لقيلِه ذلك ببيتِ سُحَيمِ بن وَثِيلٍ الرياحيِّ (٢):

أقولُ لهم بالشِّعْبِ إذ يَأْسِيرونَنى … أَلم تَيْأْسُوا أَنِي ابْنُ فَارِسِ زَهْدمِ (٣)

ويُروى: يَيْسِرونني. فمَن رواه: يَيْسُرِوننى. فإنه أراد: يَقْتسِمونني (٤). مِن الميسرِ، كما يُقْسَمُ الجَزورُ. ومَن رواه: يَأْسرونني، فإنه أراد الأسْرَ. وقال: عنَى


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٦٣ إلى المصنف.
(٢) مجاز القرآن ١/ ٣٣٢، واللسان (ى س ر، ى أ س، ز هـ د م). وفى الموضعين الأخيرين: وذكر بعض العلماء أنه لولده جابر بن سحيم. وينظر تعليق ابن منظور (ى أ س).
(٣) زهدم: فرس سحيم بن وثيل.
(٤) في م: "يقسموني".