للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (١).

وتأوَّله آخرون بمعنى الاستغفارِ الذي هو دعاءٌ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن عصمةَ بن زاملٍ (٢)، عن أبيه، قال: سَمِعتُ أبا هريرةَ يقولُ: رَحِمَ اللَّهُ رجلًا استغفَر لأبي هريرةَ ولأمِّه. قلت: ولأبيه؟ قال: لا، إن أبى ماتَ وهو مشركٌ (٣).

قال أبو جعفرٍ: وقد دَلَّلنا على أن معنى الاستغفارِ مسألةُ العبدِ ربَّه غَفْرَ الذنوبِ (٤). وإذ كان ذلك كذلك، وكانت مسألةُ العبدِ ربَّه ذلك قد تكونُ في الصلاةِ وفي غيرِ الصلاةِ، لم يكُنْ أحدُ القولَين اللذين ذَكَرنا فاسدًا؛ لأن اللَّهَ قد (٥) عَمَّ بالنهيِ عن الاستغفارِ للمشركِ بعدَما تبَيَّنَ له أنه مِن أصحابِ الجحيمِ، ولم يُخصِّصْ مِن ذلك حالًا أباحَ فيها الاستغفارَ له.

وأما قولُه: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾، فإن معناه ما قد بَيَّنتُ مِن أنه: من بعدِ ما يَعْلَمون (٦) بموتِه كافرًا أنه مِن أهلِ النارِ.

وقيل: ﴿أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾؛ لأنهم سكانُها وأهلُها الكَائِنون فيها، كما يقالُ لسُكَّانِ الدارِ: هؤلاء أصحابُ هذه الدارِ. بمعنى: سُكَّانُها.

وبنحوِ ما قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ١٦١ عن عطاء بن أبي رباح.
(٢) في م: "راشد". وينظر التاريخ الكبير ٧/ ٦٣، والجرح ٧/ ٢٠.
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ١٦١ عن المصنف.
(٤) ينظر ما تقدم في ٦/ ٦٨.
(٥) سقط من: م، ف.
(٦) في ت ٢، ف: "تعلمون".