يقولُ تعالى ذكرُه للمؤمنين به وبرسولِه محمدٍ ﷺ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. أيْ: صدَّقوا اللَّهَ ورسولَه، ﴿لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾. يعنى اليهودَ والنصارى الذين جاءَتهم الرسلُ والأنْبياءُ، وأُنْزِلَت عليهم الكتبُ مِن قبلِ يُبْعَثُ (١) نبيُّنا ﷺ، ومِن قبلِ نُزولِ كتابِنا، ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ يقولُ: لا تَتَّخِذوهم أيُّها المؤمنون أنْصارًا وإخْوانًا وحُلفاءَ؛ فإنهم لا يَأْلونكم خَبالًا وإن أظْهَروا لكم مَوَدَّةً وصَداقةً.
وكان اتَّخاذُ هؤلاء اليهود الذين أخْبَر اللَّهُ عنهم المؤمنين أنهم اتَّخَذوا دينهم هُزُوًا ولعِبًا - الدينَ على ما وصَفَهم به ربُّنا تعالى ذكرُه، أن أحدَهم كان يُظْهِرُ للمؤمنين الإيمانَ وهو على كفرِه مُقِيمٌ، ثم يُراجِعُ الكفرَ بعدَ يَسيرٍ مِن المدةِ بإظْهارِ ذلك بلسانِه قولًا، بعدَ أن كان يُبْدِى بلسانِه الإيمانَ قولًا وهو للكفرِ مُسْتَبْطِنٌ، تَلَعُّبًا بالدِّين واسْتِهزاءً به، كما أخْبَر تعالى ذكرُه عن فعلِ بعضِهم ذلك بقولِه: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة: ١٤، ١٥].
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك جاء الخبرُ عن ابن عباسٍ.
حدَّثنا هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ وأبو كُرَيْبٍ، قالا: ثنا يونُسُ بنُ بُكيرٍ، قال: ثنى ابن إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ بنُ أبى محمدٍ مولى زيدِ بن ثابتٍ، قال: ثني سعيدُ بنُ جُبيرٍ، أو عكرمةُ، عن ابن عباسٍ، قال: كان رِفاعةُ بنُ زِيدِ بن التابوتِ وسُوَيْدُ بنُ