وقال آخرون: بل ذلك عام لجميع الناس، ومعناه: أيها الناسُ إن تكفروا، فإن الله غنيٌّ عنكم، ولا يرضى لكم أن تكفُروا به.
والصوابُ مِن القولِ في ذلك ما قال جلَّ ثناؤه: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا﴾ باللهِ أَيُّها الكفارُ به، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ﴾ عن إيمانِكم وعبادتِكم إيَّاه، ﴿وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾. بمعنى: ولا يَرْضَى لعبادِه أن يكفُروا به، كما يقالُ: لستُ أحبُّ الظلمَ، وإن أحببتُ أن يظلِمَ فلانٌ فلانًا فيُعاقبَ.
وقولُه: ﴿وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾. يقولُ: وإن تؤمِنوا بربِّكم وتُطِيعوه، يَرْضَ شُكْرَكم له. وذلك هو إيمانُهم به وطاعتُهم إياه، فكَنَى عن الشكرِ ولم يُذْكَرْ، وإنما ذَكَر الفعلَ الدالَّ عليه، وذلك نظيرُ قولِ اللهِ: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا﴾ [آل عمران: ١٧٣]. بمعنى: فزادَهم قولُ الناسِ لهم ذلك إيمانًا.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: ﴿وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾. قال: إن تُطِيعوا يَرْضَه لكم.
وقوله: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾. يقولُ: لا تأْثَمُ آثمةٌ إِثمَ آثمةٍ أخرى غيرِها، ولا تؤخَذُ إلا بإثمِ نفسِها. يُعْلِمُ ﷿ عبادَه أن على كلِّ نفسٍ ما جَنَت وأنها لا تؤخَذُ بذنبِ غيرِها.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السُّديِّ: ﴿وَلَا تَزِرُ