للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى الكلامِ: يَكْفيك اللَّهُ ويَكْفِى مَن اتَّبعك مِن المؤمنين.

وقد قال بعضُ أهلِ العربيةِ في "مَن": إنها في موضعِ رفعٍ على العطف على اسمِ اللَّهِ، كأنه قال: حَسْبُك اللَّهُ ومُتَّبعوك إلى جهادِ العدوِّ مِن المؤمنين، دونَ القاعِدين عنك منهم. واسْتشْهدَ على صحةِ قولهِ ذلك بقولهِ: ﴿حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (٦٥) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٦٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾ يقول (١): حُثَّ مُتَّبِعيك ومُصَدِّقيك على ما جئتهم به من الحقِّ؛ على قتالِ مَن أَدْبَرَ وتَوَلَّى عن الحقِّ مِن المشركين، ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ﴾ رجلًا ﴿صَابِرُونَ﴾ عندَ لقاءِ العدوِّ، يَحْتَسِبون أنفسَهم ويَثْبُتون لعدوِّهم ﴿يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ من عدوِّهم ويَقْهَروهم، ﴿وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ﴾ عندَ ذلك ﴿يَغْلِبُوا﴾ منهم ﴿أَلْفًا﴾ - ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾. يقولُ: مِن أجلِ أن المشركين قومٌ يُقاتلون على غيرِ رجاءِ ثوابٍ، ولا لطلبِ أجرٍ ولا احْتسابٍ؛ لأنهم لم يَفْقَهوا أن اللَّهَ مُوجِبٌ لمَن قاتَلَ احْتسابًا، وطلب موعودَ الله في المعادِ - ما وعَد المجاهدين في سبيلهِ، فهم لا يَثْبتُون إِذا صَدَقوا في اللقاءِ؛ خشيةَ أن يُقتلوا فتذهَبَ


(١) سقط من: م.